كتكوووت الاداره
عدد المساهمات : 864 العمر : 46 العمل/الترفيه : مدير المنتدى الاوسمه : الاوسمه : المدينه : الاسكندريه تاريخ التسجيل : 03/09/2008
| موضوع: الإنـدلــس - الفردوس المفقود الخميس مارس 25, 2010 11:23 pm | |
| نبذه عن الاندلس
الأندلس اسم مأخوذ من لغة الفندال القبيلة التي تعيش هناك أطلق على منطقة جنوب إسبانيا بعد الفتح الإسلامي العربي لها وقد أصبحت الأندلس جزءاً من الدولة الإسلامية. ويعتبر عبدالرحمن الداخل المؤسس للدولة الأندلسية سنة 750 التي كانت مستقلة عن الدولة الاسلامية تحت حكم بني العباس واعتبرت الأندلس امتدادا لدولة بني أمية التي قضى عليها العباسيون في الشرق.
وفي سنة 756 بنى عبدالرحمن الداخل (صقر قريش) مدينة قرطبة والتى أصبحت عاصمة الأندلس واعتبرت المدينة المنافسة لبغداد عاصمة العباسيين . دام الوجود العربي الإسلامي في اسبانيا قرابة 800 سنة حتى قامت بالقضاء على كل ماهو عربي وإسلامي.
وقد أصبح في الأندلس عدة دول بعد سقوط الدولة الأموية عام 399هـ منها : دويلات ملوك الطوائف ودولة المرابطين ودولة الموحدين ومملكة غرناطة .
و في العصر الحاضر لا تزال منطقة جنوب إسبانيا تعرف بإسم الأندلس و تعتبر إحدى المقطاعات التي تشكل إسبانيا الحديثة و تحتفظ بالعديد من المباني التي يعود تاريخها إلى عهد الدولة الإسلامية في الأندلس، و تحمل اللغة الإسبانية كثيراً من الكلمات التي يعود أصلها إلى اللغة العربية.
الأندلس قبل الإسلام
تشير الأدوات الحجرية ورسوم الكهوف إلى أن الإنسان استوطن شبه جزيرة أيبريا منذ أكثر من 10,000 سنة. وقد أقام الفينيقيون مدنا على السواحل. ثم ضمها الرومان إلى إمبراطوريتهم، حتى غزاها القوط الغربيون (Visigoth) حوالي عام 450 ضمن اجتياح مختلف قبائل البربر للإمبراطورية الرومانية. طرد القوط الغربيون قبائل الوندال البربرية إلى شمال أفريقيا.وقد جاء اسم الاندلس من كلمة "وندال "حيث اصبحت واندالش ، ومنها اندلس والاندلس هي كل ارض دخلها المسلمين في شبه جزيرة ايبيريا حتى اصبحت في النهايه حوالي ثمان مدن
فتح الاندلس
في عام 86 هـ وفي زمن الوليد بن عبد الملك الأموي تولى موسى بن نصير المغرب ، فأخضع البربر ، ونشر الأمن في هذه الربوع ، واستطاع أن يفتح طنجة فترك بها حامية يقودها مولاه طارق بن زياد ، وعهد إليه بالعمل على نشر الإسلام في المنطقة ، وعسكر طارق بمن معه من المسلمين على سواحل بحر الزقاق ، وبدأت أنظارهم تتجه نحو أسبانيا .
وعاد موسى إلى القيروان ، وعلم طارق أن ميناء سبتة على مقربة منه فبدأ يتحرك نحوه ، وكان حاكم سبتة يليان قد تحرر من سلطان الدولة البيزنطية ، وأصبح كالحاكم المستقل في سبتة وماحولها ، واحتك يليان بالمسلمين وأحس بقوتهم وضغطهم عليه ، فعمل على كسب ود طارق بن زياد ، وكان طارق يتطلع لفتح أسبانيا ، فراسل يليان ولاطفه وتهاديا حتى يستفيد منه .
وأما الأندلس ( أسبانيا ) فقد حكمها القوط منذ عام 507 م ، غير أن أمرهم بدأ يضعف ، وقسمت أسبانيا إلى دوقيات ، يحكم كل منها دوق ، يرجـع في سلطنته إلى الملك في طليطلة ، وقسم المجتمع إلى طبقات : أعلاها طبقة الأشراف أصحاب الأموال والمناصب وحكام الولايات والمدن والإقطاعيون ، ثم طبقة رجال الدين الذين ملكوا الضياع وعاملوا عبيدهم بالعسف ، ثم طبقة المستخدمين وهم حاشية الملك وموظفو الدولة ، ثم الطبقة الوسـطى وهم الزراع والتجار والحرفيين وقد أثقلوا بالضرائب ، وأخيراً الطبقة الدنيا وهم الفلاحين والمحاربين والعاملين في المنازل ، وبلغ البؤس بأهل أسبانيا أن حل بهم الوباء في السنوات : 88 ، 89 ، 90 هـ حتى مات أكثر من نصـف سكانها .
وفي عام 709 م تولى العرش وتيكا الذي يسميه العرب غيطشة ، ولكنه عزل في نهاية السنة نفسها ثم قتل ، واستلم الحكم بعده أخيلا ، وفي العام التالي710 م وصل ردريك - ويسميه العرب لذريق – إلى الحكم بعد عزل أخيلا ، وغرق لذريق في الشهوات حتى نفرت منه القلوب ، وانقسمت البلاد في عهده ، فظهـر حزب قوي بزعامة أخيلا الذي حاول استرداد عرشه وحزب آخر ناصر الملك .
ولما كان يليان حليفاً لغيطشة فقد حـاول مد يد العون إلى حليفه ، ولكن أنصار لذريق ردوه عن الأندلس إلى العدوة الإفريقية ، فتحصن في سبتة ، وأخذ يرقب الأحداث .
وتذكر الروايات أن يليان هو الذي دعا موسى لغزو الأندلس ، وذلك أن يليان كان قد أرسل ابنته إلى قصر لذريق لتتأدب ، وتنشأ فيه أسوة بغيرها من بنات القوط في ذلك الزمان ، وأن لذريق بصر بالفتاة وطمع فيها ونال منها ، فكتبت إلى أبيها بخبرها ، فدفعه ذلك إلى التفكير في الانتقام من لذريق ، فاتصل بطارق وزين له فتح الأندلس ، وجعل نفسه وأتباعه أدلاء للمسلمين بعد أن اطمـأن إليهم ، وزار يليان موسى بن نصـير في القيروان لإقناعـه بسهولة الفتح ، وطبيعي أن يشك موسى في صحة المعلومات فطلب من يليان أن يقوم بغارة سريعة ، ففعل وعاد محملاً بالغنائم .
وليس هذا هو السبب الحقيقي للفتح ولكنه عجل به وساعد عليه ، وكما ذكرفأن اعين طارق بن زياد كانت دائما علي الأندلس منذ أن وصل طنجة ، ثم إن المسلمين فتحوا فرنسا وسويسرا وصقلية وجزر المتوسط كلها دون مساعدة يليان ، كما أن المسلمين منذ أيام عثمان بن عـفان رضي الله عنه يفكرون بفتح القسطنطينية من جهة أوروبا بعد فتح الأندلس ، وقال عثمان حينها : ( إن القسطنطينية إنما تفتح من قبل البحر ، وأنتم إذا فتحتـم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر آخر الزمان ) .
وكتب موسى يستأذن الخليفة بدمشق ، فجاء رد الخليفة الوليد : ( أن خضها بالسرايا حتى تختبرها ، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال ) ، فكتب إليه موسى : ( إنه ليس ببحر وإنما هو خليج يكاد الناظر أن يرى ماخلفه ) ، فكتب إليه الخليفة : ( وإن كان ، فاختبره بالسرايا ) ، فأرسل موسى مولاه طريف ، وكان في مائة فارس وأربعين راجلاً ، في مهمة استطلاعية ، وجاز البحر في أربعة مراكب أعانهم بها يليان ، وذلك في شهر رمضان ، ونزل المسلمون في جزيرة صغيرة على مقربة من الموضع الذي قامت فيه بلدة حملت اسم طريف ، وخفّت قوة من أنصار يليان وأبناء غيطشة لعونهم وقامت بحراسة المعبر حتى تم نزولهم ، ومن ذلك الموضع قام طريف وأصحابه بسلسلة من الغارات السريعة على الساحل غنموا فيها كثيراً ، وشجع هذا موسى على عبور الأندلس .
واختار موسى للفتح طارق بن زياد ، وركب طارق السفن في سبعة آلاف من المسلمين ، معظمهم من البربر ، ويقال بينما كان طارق في عرض المضيق على رأس سفينته إذ أخذته سنة من النوم ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وحوله المهاجرون والأنصار ، قد تقلدوا السيوف ، وتنكبوا القسيّ ، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا طارق تقدم لشأنك ) ، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلوا الأندلس قدّامه ، فيهب طارق مستبشراً .
وألقت السفن مرساها قبالة الجزيرة الخضراء عند جبل سمي فيما بعد جبل طارق ، وكان لذريق مشغولاً بثورة أخيلا في الشمال ، ولما علم بنزول المسلمين في أرض أسبانيا جمع جيشاً جراراً بلغ سبعين ألفاً ، وفي رواية : مائة ألف .
وجاءت امرأة عجوز من أهل الجزيرة الخضراء إلى طارق ، وقالت له : إنه كان لها زوج عالم بالحدثان [ أخبار الزمان ] ، فكان يحدثهم عن أمير يدخل بلدهم هذا فيتغلب عليه ، ويصف من نعته أنه ضخم الهامة ، فأنت كذلك ، ومنها أن في كتفه الأيسر شامة عليها شعر فإن كانت فيك فأنت هو ، فكشف ثوبه فإذا بالشامة في كتفه على ما ذكرت ، فاستبشر ومن معه .
وسار طارق باتجاه قرطبة حتى وصل لوادي بكة والذي حرّف فيما بعد إلى وادي لكة ، وهنا عرف طارق بأن لذريق وصل لقرطبة ، ثم تقدم واستعد للموقعة في سهل البرباط ، وأرسل طارق يطلب المدد من موسى بن نصير ، فعجل موسى بإرسال خمسة آلاف من خيرة الجنود يقودهم طريف ، وفيهم عدد عظيم من العرب ، فأدركوا طارقاً قبيل المعركة ، فأصبح عددهم اثني عشر ألفاً ، وقام طارق في أصحابه خطيباً فشجعهم على الجهاد ، واستعد لذريق للقاء ، وقد ولى ولدي غيطشة على ميمنته وميسرته .
وقبيل الالتحام أجمع أولاد غيطشة على الغدر بلذريق ، وأرسلوا إلى طارق يعلمونه أن لذريق كان تابعاً وخادماً لأبيهم ، فغلبهم على سلطانه بعد مهلكه ، ويسألونه الأمان ، على أن يميلوا إليه عند اللقاء فيمن يتبعهم ، وأن يسلم إليهم إذا ظفر ضياع والدهم بالأندلس كلها ، فأجابهم طارق إلى ذلك وعاقدهم عليه ، وأرسل لذريق رجلاً من أصحابه ليعاين له جيش المسلمين ، فلما عاد قال له : خذ على نفسك ، فقد جاءك منهم من لا يريد إلا الموت ، أو إصابة ماتحت قدميك .
وقدم طارق نفراً من السودان بين يدي جيشه ليتلقوا بما عرف عنهم من الصبر والثبات صدمة الجيش الأولى ، وبدأ القتال يوم الأحد الثامن والعشرين من رمضان سنة 92هـ ، فأظهر فرسان القوط مقدرة عظيمة أول المعركة ، وثبتوا لضغط المسلمين ، وأخذ يليان ورجاله يخذلون الناس عن لذريق ويصرفونهم عنه ، قائلين لهم : إن العرب جاؤوا للقضاء على لذريق فقط ، وإنهم إن خذلوا لذريق اليوم صفت لكم الأندلس بعد ذلك .
وأثر هذا الكلام في جنود القوط فقد كان كثير منهم يكرهون لذريق ، فخرج فرسانه من المعركة وتركوه لمصيره ، فاضطرب نظام جيشه وفر الكثير منهم ، وخارت قوى لذريق ولم تغنه شجاعته شيئاً ، ويئس من النصر لما رأى جنده يفرون أو ينضمون للمسلمين . وهجم طارق على لذريق فضربه بسيفه فقتله ، وقيل : إنه جرحه ورمى بنفسه في وادي لكة فغرق ، وحمل النهر جثته إلى المحيط .
وبعد مصرعه احتل المسلمون المعسكر وغنموه ، واتجه طارق لفتح المدن الرئيسية في الأندلس ففتح شذونة ومدوّرة وقرمونة وإشبيلية واستجة ، وكانت فيها قوة تجمعت من فلول عسكر لذريق فقاتلوا قتالاً شديداً حتى أظهر الله المسلمين عليهم ، ولم يلق المسلمون فيما بعد ذلك حرباً مثلها ، وأقاموا على الامتناع أولاً إلى أن ظفر طارق بأمير المدينة على النهر وحده ، فوثب عليه طارق في الماء فأخذه وجاء به إلى المعسكر ، ثم صالحه طارق وخلى سبيله ، واستمر طارق في زحفه ، وانتهى إلى عاصمة الأندلس طليطلة وتمكن من فتحها .
وجاءته الرسائل من موسى تأمره بالتوقف ، وعبر موسى إلى الأندلس بناء على استغاثة وجهها إليه طارق ، وذلك في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين ، بجيش عدده ثمانية عشر ألفاً ، ففتح بعض المدن كشذونة وقرمونة وإشبيلية وماردة ، وهي مدن لم يفتحها طارق ، ثم التقى بطارق ووبخه على أنهم توغلوا أكثر مما ينبغي ، وأن خطوط مواصلاتهم في الأندلس الواسعة في خطر ، فقد بقيت مناطق واسعة في شرق الأندلس وغربها لم تفتح .
وأخيراً لقد قررت معركة وادي لكة مصير الأندلس لمدة ثمانية قرون ، وظل الأثر العربي الإسلامي في أسبانيا ليوم الناس هذا .
الخلافه الامويه في الاندلس
سقطت الخلافه الامويه في دمشق سنه132هجريا_750م ،وتعقب العباسيون اخر خلفاء الامويين مروان بن محمد وقتلوه في مصر عقب موقعه بو صير،وقتلوا كل من وقع في ايديهم من امراء بني اميه ،ولم ينج من تلك المذبحه الا نفر قليل من امراء بني اميه كان من بينهم الامير عبد الرحمن بن معاويه بن هشام بن عبد الملك والذي تمكن من الفرار من ايدي العباسيين والهروب الي الاندلس وكانت الاندلس في تلك الفتره تعيش حاله من التدهور والفوضي السياسيه بعد سقوط الخلافه الامويه وضعف يد الخلافه العباسيه الجديده في بسط سلطانها علي الاندلس،وقد حدث خلاف بين المضريه واليمنيه من اجل السلطه علي الاندلس ،الي ان استقر الامر بينهم الي ان يتولي يوسف بن حبيب الحكم لمده عام وقد كان مضريا ،ثم يرد الامر الي اليمنيه فيولوا من يريدوا ،وعندما انقضت السنه رض الناس التخلي عن يوسف واستمر حكمه للاندلس0 وعندما دخل الامير عبد الرحمن بن معاويه الاندلس في ذي القعده سنه138هجريا،اجتمع حوله الناس ودخل في حروب كتير مع يوسف بن حبيب وانتهت بانتصار عبد الرحمن بن معاويه وفرض نفوذه علي الاندلس،واعلن تاسيس الدوله الامويه في الاندلس،وقد عمل المير عبد الرحمن علي تثبيت حكمه في الاندلس والتقرب الي الناس ، وعلي الرغم من سيطره الاميرعبد الرحمن علي زمام الامور في الاندلس الا انه لم يتمكن من اعلان قيام الخلافه الامويه وذلك نظرا لقوه الخلافه العباسيه في هذه الفتره ،كما ان عبد الرحمن الداخل لم يكن يرغب في اثاره غضب الخلافه العباسيه لانها لن تقبل بوجود خلافه ثانيه في العالم الاسلامي،ولذلك فضل عبد الرحمن الداخل الابتعاد عن هذه الخطوه 0 وقد استمر خلفاء عبد الرحمن الداخل في حكم الاندلس دون احداث اي تغييرات في النظام السياسي حتي تولي الحكم عبد الرحمن الناصر في سنه300هجريا،وقد تمكن من القضاء علي الفتن والقلاقل التي كانت موجوده في بلاد الاندلس وتمكن ايضا من القضاء علي منافسيه وبذلك تمكن من اقرار الامور في الاندلس 0 اما بالنسبه للخلافه العباسيه فقد بدات سلطتها في الضعف والتهاوي لدرجه ان بلاد المغرب في هذه الفتره انفصلت في حكمها عن الخلافه العباسيه وتمكن الفاطميين من اقامه الخلافه الفاطميه في المغرب وبذلك اصبح يوجد في العالم الاسلامي خلافتين ،الخلافه العباسيه في بغداد والخلافه الفاطميه في المغرب0 وقد اشتغل عبد الرحمن الناصر هذا الانقسام ليعلن للعالم الاسلامي اعاده احياء الخلافه الامويه في الاندلس وانه هو الخليفه الاموي وبدا في ضرب اسمه علي النقود وسجل عليها لقب امير المؤمنين وكان ذلك في عام316هجريا0 ويعد عهد عبد الرحمن الناصر ازهي عصور الخلافه الامويه في الاندلس ،وقد استمر هذا الازدهار في عهد خليفته الحكم المستنصر ،ولكم منذ عهد الخليفه هشام بدات الخلافه الامويه في الضعف والتهاوي الي ان سقطت تمام بموت اخر الخلفاء الامويين هشام الثالث والذي توفي عام422هجريا،ولقد كان موته هو موت للخلافه الامويه في الاندلس0
الاندلس بعد سقوط الخلافه الامويه
لقد ولي أمر الخلافة طفل في السابعة من عمره يدعى " هشاما " ولما لم يكن بإمكانه حكم البلاد ، فقد كانت أمه " صبح " وصية عليه ، ولم تستطع صبح هذه أن تنفرد بالسلطة ، فقد أشركت معها في الأمر رجلا من أغرب الرجال وأقدرهم يدعى " المنصور بن أبى عامر " ..
وقد نجح المنصور في أن يعبر الانقلاب السلمي بنجاح ، ويحول الخلافة الأموية في الأندلس إلى ملك ينتسب إليه ، ويرثه أبناؤه من بعده ، وإن كان لبني أمية الاسم الرمزي والخلافة الصورية بينما كان الحكم الفعلي للمنصور .
ولم يمض أكثر من أربعين سنة حتى كانت دولة العامريين قد أصبحت آخر ومضة تمثلت فيها دولة الخلافة الأموية في الأندلس ، وبسقوط دولة العامريين التي قامت على غير أساس ، انفرط عقد الأندلس ، وظهر بهذه الأرض الطيبة عصر من أضعف وأردأ ما عرف المسلمون من عصور الضعف والتفكك والضياع .
الطمع الصليبي في بلاد الاندلس
لقد ورث خلافة الأمويين أكثر من عشرين حاكما في أكثر من عشرين مقاطعة أو مدينة ، وقد انقسم هؤلاء الحكام إلى بربر وصقالبة وعرب ، وكانت بينهم حروب قومية لم تخمد طيلة السنوات التي حكموا فيها ، ولقداستغل الملوك النصارى هذا الانقسام الذي شهدته الاندلس ليتوسعوا علي حساب المسلمين في الاندلس في الوقت الذي انشغل فيه الامراء بحروبهم الداخلية ، ونتيجه لضعف المسلمين في الاندلس اضطروا الي عمل محاولات لكسب رضا النصاري فدفعوا الجزية وتنازلوا طوعا عن بعض مدنهم للنصارى ، وحاربوا في جيوش النصارى ضد المسلمين من إخوانهم في المدن الأخرى من ارض الأندلس الإسلامية .
ولقد استفحل الخلاف والتنافس بين هؤلاء الملوك ، كما استفحل كذلك ضعف كل منهم ، وكان من نتائج ذلك طمع النصارى في إشبيلية وفي المدن الأندلسية الأخرى .
ولما زاد الخطر المسيحي بشكل كبير اضطر المعتمد بن عباد الاستعانة بقوة المغرب العربي .. فاستعان بالمرابطين في المغرب الأقصى ، وعندما كان بقية ملوك الطوائف يبدون خشيتهم من المعتمد ، قال لهم كلمته المشهورة : " لأن أرعى الجمال في صحراء العرب خير من أرعى الخنازير في أرض الصليبيين " .
دور المرابطين في انقاذ الاندلس
ولقد تقدم زعيم المرابطين يوسف بن تاشفين فعبر البحر و ( جبل طارق ) لنجدة المسلمين في الأندلس وحقق في ( معركة الزلاقة ) سنة 479 هـ ( 1086 م ) انتصارا كبيرا ساحقا على النصارى كان من أثره مد عمر الإسلام في الأندلس فترة أخرى من الزمن .
ولقد تبين ليوسف بن تاشفين بعد ذلك أن ملوك الطوائف هؤلاء ليسوا أهلا للبقاء في مراكز السلطة في الأندلس ، وجاءته النداءات والفتاوى من العلماء كالغزالي بوجوب الاستيلاء على الأندلس فاستولى على الأندلس وأعاد إليها وحدتها ، وطرد هؤلاء الطائفيين الذين كانوا يخشون قدومه ، ويفضل بعضهم النصارى عليه . وقد بدات الاندلس تسقط مدينه تلو الاخري في القرن السابع الهجري .. ذلك القرن الذي شهد سقوط معظم القلاع والمدن الإسلامية الأندلسية ، ولم تفلت منه - إلى حين - سوى مملكة غرناطة ، التي لم تلبث بعد قرنين - أن لقيت حتفها .
عوده التفكك للاندلس
وعلى امتداد الأندلس - شرقا وغربا - بدأت حركة ما يسمى بالاستيراد الصليبي تسوق المسلمين المفككين ، المتناطحين بالألفاظ ، المقسمين في ولائهم بين ملوك النصارى .. تسوقهم إلى حتفهم الأخير . وقد تبع سقوط الموحدين التمهيد لسقوط كثير من مدن الأندلس كمرسية وبلنسية وقرطبة والشرق الأندلسي .. ثم الغرب الأندلسي الذي كانت عاصمته إشبيلية !
لقد عرف أهل إشبيلية بعد سقوط الموحدين ، أنهم لا بد لهم من حماية خارجية بعد أن فشلوا في الاعتماد على الذات .. وقد أرسلوا بيعتهم إلى الأمير أبي زكريا الحفصي أمير الحفصيين في تونس هؤلاء الذين لمع نجمهم بعد سقوط الموحدين ، لكن الرجال الذين أرسلهم الأمير الحفصي إلى إشبيلية أساءوا معاملة الناس وأظهروا الفساد .. فاضطر أهل إشبيلية لإخراجهم ، وبدءوا في الاعتماد على أنفسهم ، وألغوا معاهدة ذليلة كانت قد عقدت بينهم وبين ملك قشتالة النصراني فرناندو الثالث ،
وكان هذا نذيرا ببداية النهاية لإشبيلية ، إلا أنهم قد فقدوا العون الإسلامي الخارجي .. وأعلنوا - بقطعهم المعاهدة - حربا على قشتالة ، لم تكن ظروفهم مهيأة لدخولها ،وقد شهدت سنة 644هـ بداية التحرك النصراني ضد إشبيلية ، واستولى الصليبيون على حامية إشبيلية في هذا العام .. وكان ذلك بمساعدة ابن الأحمر ملك غرناطة وفقا لمعاهدته مع فرناندو .. !
وفي العام التالي تقدمت الجيوش النصرانية مرة أخرى على إشبيلية ، وقد نجحت في الاستيلاء على عشرات من المدن الإسلامية بفضل تدخل ابن الأحمر ، ومنعه هذه المدن من القتال بحجة أن القتال عبث .. وتم حصار إشبيلية وتطويقها من جميع الجهات بالكتائب النصرانية . وبالكتيبة التي يقودها ابن الأحمر المسلم ، مشتركين جميعا في تشريد أهلها وسحق دعوة الإسلام بها .. ولعل وجود راية محاربة إسلامية يلمحها المسلمون المحاصرون .. كان أشد ضربة تلقاها بعيون وقلوب باكية أهل إشبيلية المستبسلون
لقد وقف أهل إشبيلية الشرفاء نحوا من سنة يدافعون الحصار النصراني المدعوم من ابن الأحمر .. وقد نجحوا في إيقاع النصارى في أكثر من كمين وأصابوهم بالهزيمة غير مرة . وقد حاولوا - وهم في حصارهم ، الاستنجاد بالمغرب دون جدوى .. بينما توالت النجدات على النصارى ، حتى نجحوا بسببها في منع المؤن عن المسلمين المحاصرين في إشبيلية .. فنفدت الأقوات وبدأ شبح الجوع يدب في أوصال المدينة المجهدة ...
وكان قضاء الله .. وخرج المسلمون الإشبيليون من مدينتهم وفق شروط المعاهدة .. خرجوا نازحين إلى مدن إسلامية أسبانية أخرى لم تلبث أن أسقطت ،وكان سقوط ( قرطبة ) أكبر معاقل الإسلام في الأندلس سنة 633هـ النهاية لسقوطنا التام في الأندلس .
وقد اضطر ابن الأحمر مؤسس مملكة غرناطة إلى أن يهاد ن ملك قشتالة الصليبي، وأن يعقد معه صلحا لمدة عشرين سنة ، وأن يسلم له - بناء على شروط الصلح - مدينة جيان وما يلحق بها من الحصون والمعاقل ، وأن ينزل عن أرجونة وبيع الحجار وقلعة جابر وأرض الفرنتيرة .. واعترف بالطاعة لملك قشتالة وتعهد بأن يؤدي إليه جزية سنوية قدرها مائة وخمسون ألف مرافيدي ( العملة الإسبانية ) وأن يعاونه في حروبه ضد أعدائه ( المسلمين ) ! وعندها استغل ملك قشتالة هذا الصلح ليتفرغ لضرب المسلمين الآخرين ، هاجم مدينة إشبيلية قاعدة غربي الأندلس كله .. وكانت هناك كتيبة إسلامية أرسلها ابن الأحمر تهاجمها معه ( باسم التقدمية !!) فسرعان ما سقطت إشبيلية الإسلامية حاضرة الثقافة الإسلامية الرفيعة - بيد فرناندو الثالث ملك قشتالة سنة 646هـ وبمعونة ابن الأحمر 0- مؤسس مملكة غرناطة العظيم ، .. ولم تعد إشبيلية إلى الإسلام منذ ذلك اليوم !!
وعندما كاد أمد الصلح بين ابن الأحمر وبين ملوك قشتالة ينتهي بعد ( العشرين سنة ) سعى ابن الأحمر لتجديد الصلح .. وفي سبيل ذلك تنازل لقشتالة عن عدد كبير من بلاد الإسلام قيل إنها بلغت أكثر من مائة بلد وحصن
سقوط غرناطة
كان بقاء مملكة غرناطة الإسلامية في الأندلس قرنين من الزمان معجزة من معجزات الإسلام .
فهذه الجزيرة الإسلامية العائمة فوق بحر الصليبية المتلاطم الأمواج والطافح بالحقد والمكر التاريخيين .. هذه الجزيرة ما كان لها أن تصمد صمودها المشهور إلا لأن طبيعة الصمود كامنة في العقيدة والمبادئ الإسلامية . وبدون العقيدة الإسلامية .. ما كان لهذه الجزيرة أن تصمد وحدها في الأندلس بعد أن سقطت كل المدن والقلاع الإسلامية منذ قرنين من الزمان .
كان قانون " الاستجابة للتحدي " هو الذي أبقى غرناطة حية زاخرة بالفكر الإسلامي والرقي الحضاري هذين القرنين .. وكان شعور الغرناطيين بأنهم أمام عدو محيط بهم من كل جانب ، ينتظر الفرصة لالتهامهم ، وبأنه لا أمل لهم في استيراد النصر من العالم الإسلامي ، وبأنه لا بد لهم من الاعتماد على أنفسهم .. كان هذا الشعور باعثهم الأكبر على الاستعداد الدائم . ورفع راية الجهاد والتمسك بإسلامهم .
وبهذا نجحت غرناطة في أن تظل إلى سنة 1492م ( 897 هـ) سيدة الأندلس الإسلامي ومنارة العلوم وشعلة الحضارة الإسلامية الباقية في أوربا .
لكن الأعوام القريبة من عام السقوط شهدت تطورا في الحياة الأندلسية .. فعلى المستوى النصراني بدأ " اتحاد " كبير يضم أكبر مملكتين مسيحيتين مناوئتين للإسلام .. وهما مملكتا أرجوان وقشتالة ، وقد اندمج الاثنان في اتحاد توجاه بزواج " إيزابيلا " ملكة قشتالة من " فرناند " ملك أرجوان .. وكان الحلم الذي يراود الزوجين الملكين الكاثوليكيين ليلة زفافهما هو دخول غرناطة .. وقضاء شهر عسلهما في الحمراء ، ورفع الصليب فوق برج الحراسة في غرناطة - أكبر أبراجها - وعلى المستوى الإسلامي .. كان " خلاف " كبير قد دب داخل مملكة غرناطة ولا سيما بين أبناء الأسرة الحاكمة ، وتم تقسيم مملكة غرناطة المحدودة قسمين ، يهدد كل قسم منهما الآخر ويقف له بالمرصاد .. قسم في العاصمة الكبيرة ( غرناطة ) يحكمه أبو عبد الله محمد علي أبو الحسن النصري ( آخر ملوك غرناطة ) وقسم في ( وادي آش ) وأعمالها يحكمه عمه أبو عبد الله محمد المعروف بالزغل .
وقد بدأ الملكان الكوثوليكيان هجومهما على ( وادي آش ) سنة 894 هـ ، ونجحا في الاستيلاء على وادي آش وألمرية وبسطة .. وغيرها ، بحيث أصبحا على مشارف مدينة غرناطة .
وقد أرسلا إلى السلطان أبي عبد الله النصري يطلبان منه تسليم مدينة الحمراء الزاهرة ، وأن يبقى هو حيا في غرناطة تحت حمايتها .. وكما هي العادة في الملوك الذين يركبهم التاريخ وهو يدور إحدى دوراته ، كان هذا الملك ضعيفا .. لم يحسب حسابا لذلك اليوم .. ولقد عرف أن هذا الطلب إنما يعني الاستسلام بالنسبة لآخر ممالك الإسلام في الأندلس فرفض الطلب ودارت الحرب بين المسلمين والنصارى واستمرت عامين .. يقودها ويشعل الحمية في نفوس المقاتلين فيها فارس إسلامي من هؤلاء الذين يظهرون كلمعة الشمس قبل الغروب " موسى بن أبي الغسان " .
وبفضل هذا الفارس وأمثاله وقفت غرناطة في وجه الملكين الكاثوليكيين عامين وتحملت حصارهما سبعة أشهر ..
لكن مع ذلك .. لم يكن ثمة شك في نهاية الصراع .. فأبو عبد الله الذي لم يحفظ ملكه حفظ الرجال . والانقسام العائلي والخلاف الداخلي في المملكة في مقابل اتحاد تام في الجبهة المسيحية .. مضافا إلى ذلك حصاد تاريخ طويل من الضياع والقومية الجاهلية والصراع بعيدا عن الإسلام .. عاشته غرناطة وورثته مما ورثته عن الممالك الإسلامية الإسبانية الساقطة،كل هذه العوامل قد عملت على إطفاء آخر شمعة إسلامية في الأندلس .
| |
|